الاثنين، ١٤ ديسمبر ٢٠٠٩

دبلوم و ماجستير في الاعلام الطبي



الإعلام الطبي
 ... العلاقة الملتبسة بين المصداقية والمصلحة ... د . أبو شعر :لايمر أسبوع دون أن تنشر الصحف أخباراً متناقضة حول موضوع طبي واحد  د . المرجة:نشر معلومات خاطئة أو تقادم عليها الزمن يضر بالقارئ والمجتمع

تحقيقات

موسى الشماس

ورد بعض طلاب كلية العلوم عن سؤال حول مدى متابعتهم للزوايا العلمية والطبية

في الصحف والتلفاز والإذاعة,بأنهم لا يذكرون أنهم قرؤوها يوماً,ماعدا الطالبة سوسن عربيني التي قالت: إنها تحاول قراءتها أحياناً,حيث تشعر أن فيها معلومات صحيحة ولكنها عندما تقرأ الزاوية أو الفقرة بعد أيام قليلة تجد أنهم كذبوها ما أفقدها الثقة بما تقرؤه,وهذا ما جعلها تحس أن ما ينشر لا يتم ضمن آلية دقيقة وواضحة بل بصورة عشوائية إلى حد ما.‏



> ورأت سعاد أن الصحف المحلية تفتقر إلى وجود صحفيين مؤهلين علمياً يقدمون معلومات طبية ذات مصداقية ودقة لأنها أحياناً تقرأ موضوعاً طبياً فتجد أن نصفه أخطاء علمية ونصفه الآخر أخطاء مطبعية ما يفرغه من مضمونه ويجعله غير مفهوم على الإطلاق,وهذا يدل على أن بعض الذين يكتبون موضوعات علمية يجهلون الأفكار العلمية التي يطرحونها بدون أدنى شك.‏

وعموماً معظم الذين سألناهم أجابوا بأنهم لا يقرؤون الموضوعات الطبية وإنما يتصفحون الجريدة ويحلون الكلمات المتقاطعة وإذا ما شاهدوا برنامجاً تلفزيونياً فيه لقاء طبي أو علمي يقلبون المحطة إلى مكان آخر.‏

نوعيات متابعة‏

من الواضح أن أغلب المتابعين للزوايا الطبية هم من الإناث وخاصة ممن لديهن تخصص علمي وطبي إضافة لبعض أفراد عائلات المصابين بأمراض عسيرة كما هو الحال في مرض الصرع والأمراض الجنسية ومرض الضغط الشرياني والقلب والكلية حيث تقول السيدة منى في هذا السياق: أنا متزوجة منذ تسع سنوات ولم أُرزق بولد حتى الآن,ثمة أسباب تمنعني أنا وزوجي من الإنجاب وقد عانينا الأمرّين ,لذلك نتابع الصحف المحلية علّنا نجد جديداً في هذا المجال ونتصفح شبكة الانترنيت ونقرأ المجلات الطبية المختلفة عسانا نهتدي إلى وسيلة مناسبة تحقق مرادنا.‏

> أما السيد حسام محمد فقال: أخي البالغ من العمر 17عاماً مصاب بنوبات صرع تأتيه بين وقت وآخر وقد صرف أهلي كل مايملكون طلباً لعلاج شاف,لذلك تجدني أنا وبقية أفراد العائلة نهتم بكل مامن شأنه إرشادنا إلى حل لهذه الآفة المرضية التي تقض مضاجعنا سواء كان هذا الحل مكتوباً أم مسموعاً أم مرئياً.‏

> السيدة سلام عباس أبدت انزعاجها من سطحية ماتنشره الصحف المحلية من مواضيع طبية مضيفة: أنا مشتركة في عدة مجلات طبية أجد فيها العديد من الموضوعات الشيقة التي تهم المرأة على سبيل المثال حيث يتم طرقها بدقة وبأساليب علمية مدروسة.‏

بالمقابل أتمنى لو تحذو الصحف المحلية حذو بعض تلك المجلات,فنادراً ما أجد موضوعاً صحفياً يتحدث بوضوح واستفاضة عن بعض الأمراض السارية أو المعدية أو الخطيرة,وإن تحدث أحد عنها فإنه لا يدخلنا إلى العمق ولا يتناول الموضوع من كافة جوانبه المختلفة بل يبقى مجتزأ وغير مكتمل, أحياناً أعذر تلك المصادر الإعلامية لعدم تعمقها في طرح الموضوعات الحساسة فمنذ مدة طبقت أختي وصفة لتنقية البشرة من إحدى المجلات الطبية فتحسس وجهها وبدأت تظهر فيه حبوب وبثور ما جعلها تراجع طبيباً جلدياً لعدة أشهر حتى شفيت.‏

صور غريبة‏

يستغرب المرء وجوداً آثار سلبية كهذه نجمت عن رغبة حقيقية من إنسانة وثقت بالإعلام واعتبرته مرجعاً لها وتتوالى هنا علامات الاستفهام فإذا كانت مصالح متباينة تحكم الشأن السياسي,وإذا كان صراع الاتجاهات يميز الشأن الثقافي ما يفتح باباً للرؤى المتعارضة فيها,فما الذي يمنع تبلور مشروع إعلامي طبي واضح? خاصة في الصحف اليومية والإذاعة والتلفاز,وما الذي يجعل الموضوعات الطبية المطروحة مقتصرة على بعض الأفكار العلمية المتجزأة والمشتتة ?!!‏

فرصة اطلاع‏

> الدكتور نزار بني المرجة رئيس تحرير مجلة طبيب الأسنان العربي 96-98 ومدير تحرير مجلة طب الفم السورية قال: تبرز أهمية الصحافة الطبية عبر ما تقدمه من مطبوعات دورية ونشرات اختصاصية يمكن لها أن تسهم بفعالية في عملية التعليم المستمر, ذلك أن المطبوعة تشكل فرصة اطلاع مريحة وسريعة على الجديد في العلم والاختصاص مع إمكانية تعميم هذا الجديد على الشريحة المقصودة.‏

> وما مآخذك على الصحافة الطبية?‏

>> أبرزها نقص الكوادر الطبية المؤهلة صحفياً إذ يترتب عليهم الجمع بين الكفاءة الطبية والمعلومات العامة وما يتبع ذلك من قدرة على التأليف والوصف واستخدام المفردات العلمية المناسبة في سياق الصياغة السليمة للمقال أو الموضوع المطروح,كما أن المساهمة في تحرير المقالات الطبية يتطلب أن يكون لدى الصحفي أو الإعلامي أرضية واندفاع ذاتي مع ميل للبحث العلمي بذات الوقت.‏

من جانب آخر يسيىء إلى الموضوع الطبي اغفال نشر صور توضيحية للأفكار الواردة في السياق أو الإخراج السيىء للمادة أو حذف مقاطع والتصرف بالمقال أو الفكرة دون علم المعني بالأمر أو عدم ذكر اسم الطبيب ولقبه العلمي بشكل صحيح.‏

كما أن نشر معلومات خاطئة أو عفا عنها الزمن يضر بالقارىء والمجتمع على حدٍّ سواء مثلما يضر بالأطباء أنفسهم ويسهم في تشويه المعلومات ونشر مفاهيم خاطئة في أسس الوقاية والعلاج وأيضاً يعتبر انتشار ظاهرة تكرار المعلومات والاقتباس بين الدوريات المختلفة دون الإشارة للمصادر الرئيسية الصحيحة خرقاً للمعايير الأخلاقية في الصحافة ويستدعي الالتزام بالأمانة ا لصحفية وتوخي الدقة في ذلك.‏

يضاف إلى ذلك ضرورة الاقتصار على نشر الإعلانات الطبية الجادة والرصينة وإخضاعها لرقابة صارمة بالتعاون مع الجهات الصحية الرسمية.‏

> وكيف ترى السبيل للارتقاء بواقع الإعلام الطبي?‏

>> أولاً: إجراء دورات إطلاعية مكثفة لبعض النخب بصورة دورية وصولاً إلى وجود صحفيين متخصصين بالشؤون العلمية والطبية كما هو الحال في كافة الصحف العالمية.‏

-ثانياً :الاعتماد على المعجم الطبي العربي الموحد الصادر عن مجلس وزراء الصحة العرب واتحاد الأطباء العرب بحيث يتم الالتزام بالمصطلحات الموحدة ما أمكن حتى لايقع القارىء بين مشكلات تغير أسماء التعابير الواردة عن نفس الموضوع هنا وهناك معتقداً أن كل جهة تتحدث عن مسألة مختلفةعن الأخرى.‏

لا بل ويحس القارىء العادي أنه دخل في دوامة لها أول وليس لها آخر لكثرة ما يجده من مصطلحات عديدة يتعامل فيها المعنيون بالشأن الطبي دون دراية حقيقية لأهمية توحيدها وجعلها تصب في قناة واحدة تجعل كل من يقرأ المادة العلمية أو ا لطبية يدرك معناها الواضح والصريح.‏

مساحة ضيقة‏

> أما د.منير أبو شعر قال: إن مساحة الإعلام الطبي بمختلف الوسائل قليلة جداً ولا تتناسب مع مهامه وأهميته ,فمثلاً في إذاعة دمشق الزاوية الطبية عبارة عن خمس دقائق يومية وهذا يعادل إذاعة أغنية قصيرة ولا يختلف الأمر عما هو عليه في الصحافة المحلية التي تخصص للرياضة على سبيل المثال عدة صفحات يومية بينما للقضايا الطبية تخصص زاوية أسبوعية صغيرة وأحياناً قد تغيب في بعض الأسابيع كما يقد م الإعلام الطبي الخبرات والمعارف العلمية التي من شأنها صقل المعارف الموجودة لدى المواطن وبناء أخرى بصورة سليمة من أجل تحسين الصحة العامة.‏

ووجود الإعلام الطبي لا يغني عن الطبيب, لكن قديماً قيل إن درهم تثقيف خير من قنطار وقاية ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.‏

> هل تجد أن الصحافة الطبية تقع في بعض المطبات أحياناً?‏

>> بالتأكيد, فمثلاً لا يمر أسبوع دون أن نقرأ أو نسمع عن خبر طبي لافت للنظر أو اكتشاف لعلاج أحد الأمراض المستعصية وفي اليوم التالي نقرأ في صحيفة أخرى خبراً يكذب الخبر السابق وينفيه, وهنا سرعان ما تتجه أصابع الاتهام إلى الصحافة وبات من المألوف أن يقال إنه كلام جرائد لكن الواقع يؤكد براءة الإعلام الطبي من تلك الفوضى العلمية لأنها ضحية لشركات طبية كبرى تتلاعب بالنتائج بما يتوافق مع تحقيقها لأرباح مادية مذهلة.‏

فهي تسارع إلى نفى أية معلومة سلبية عن مستحضر دوائي مثلاً لمجرد ظهور تلك المعلومة وتستعين لذلك بأفكار علمية مضللة تظهر وكأنها حقيقية.‏

من جانب أخر توجد بعض الوسائل المبتذلة التي تدخل فيها الصحافة الطبية في مشكلات طبية وعلمية لايد لها فيها إلا أنها وافقت على نشرها دون دراية خاصة عندما تكون هذه المواضيع الشغل الشاغل للكثيرين مثل الوسائل المساعدة على التنحيف وتخفيف الوزن وقد بينت الدراسات الإحصائية أن أكثر تلك الإعلانات غير صحيحة.‏

من هذا الجنب علينا أن نحتذي بالكثير من الدول الغربية التي فرضت رقابة عامة ووضعت ضوابط لمنع التحايل الإعلاني بهذا المجال ولعل هذه البادرة تلفت انتباه المعنيين عن الإعلام والصحة لإحداث مجلس أعلى يتولى الرقابة والتدقيق في مضمون ما يتم طرحه على أبناء المجتمع من أفكار طبية مخالفة حتى التدخين الذي لا يختلف على ضرره الشديد اثنان ما زالت شركات التبغ على سبيل المثال تقلص من نسب النيكوتين الذي أوضحت أخر الدراسات أنه يسبب الإدمان ,ناهيك عن تأثيراته المسرطنة لكن تجد صوره وإعلاناته توضح لك أنه بمثابة روائح كريستيان ديور.‏
حتى حليب الأم نجحت الوسائل الإعلانية باستبداله في كثير من الأحيان بحليب اصطناعي مقنعة إياهن بضرر الإرضاع الطبيعي عليهن..‏

لقد باتت الدول والمؤسسات والأفراد تستشرف التطورات العلمية والطبية لأن أي جديد على هذا الصعيد سيقدم خدمات إنسانية جليلة للمرضى الذين يبحثون عن حل أو علاج يضع حداً لحالاتهم المستعصية ,ولذلك يستطيع القارىء عبر وسائل الإعلام الطبي المختلفة (مقروء ومسموع ومرئي) أن يلم بكل جديد ومستحدث على الساحة الطبية لإغناء معارفه وتوظيفها إيجابياً..‏

هناك جانب أخير قد يكون سلبياً يقدمه الإعلام ا لطبي وهو تعدد الاستشارات فكما يقول أبو بكر الرازي ( ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يثق به من الأطباء)فأطباء هذه الأيام كل منهم يكذب الأخر ويلغي وصفاته الطبية ما يوقع المريض في مغبة الذهاب لأكثر من طبيب علّه يصل للعلاج الشافي فإذا به يضيع بين كثرة المشيرين.‏

نظرة أخرى‏

> إحدى الطبيبات العاملة في الحقل الإعلامي بوزارة الصحة قالت: إنها ضد مبدأ طرح المشكلة الطبية الشخصية بإرسال الرسائل إلى الصحف والمجلات أو الاتصال مع برنامج يبث في ا لإذاعة أو التلفزيون فهي ترى أن لكل مريض خصوصية مرضية معينة وأي طرح لقضيته دون إجراء فحص سريري لحالته المرضية يفقده فرصاً حقيقية للشفاء ويجعله يقع في دوامة لها أول وليس لها آخر ولن يستطيع أي طبيب تقديم فكرة طبية أو علمية حقيقية ومفيدة دون رؤية مباشرة للمريض.‏

من جانب آخر رأت هذه الطبيبة أن الإعلام الطبي يقع في عدة مشكلات أبرزها:‏

¯ طرح قضايا لحالات معينة بأسلوب ما يحس القارىء وكأنها تنطبق عليه,هذا قد يكون صحيحاً بصورة عامة لكن في واقع الحال هذا يجعل القارىء الذي يعاني من مرض معين يصبح في دوامة نفسية أصعب ,حيث يبدأ يفكر بأبعاد أكبر لمرضه أو لمعضلته الصحية البسيطة والتي قد لا تكون موجودة أصلاً.‏

¯ إن العلاج الذي تم تقديمه لمريض معين وحصل من خلاله على الشفا ء التام قد لا يفيد مريضاً آخر تظهر عليه نفس الأعراض بشكل ظاهري وربما أن ذلك الدواء الذي قرأه في الصحافة أو دورية ما يضره أيضاً وليس فقط لا يضره ولا يفيده.‏

¯ هناك بعض المسلمات التي يثق بها البعض قد تشكل معضلات مرضية مع مرور الزمن دون الوقوف عند كل واحدة منها على حدة وبصورة شخصية فأحياناً نقرأ (على المرضى فوق سن الخمسين أن يأخذوا حبة أسبرين يومياً لأنها مفيدة لإعطاء تمييع بسيط للدم الذي يصبح كثيفاً بعد ذلك العمر) هذا كلام صحيح نظريآً لكن قد يطبقه مريض أو مريضة له حالة خاصة فتجده يصاب بنقص في عدد الصفيحات بعد فترة كما حدث لمريضة أعرفها,ومعروف أن نقص الصفيحات واستمراره دون انتباه يشكل أرضية للإصابة بأمراض خطيرة قد تصل إلى السرطان في نهاية المطاف .‏

¯ من جانب آخر قد تجد بعض الإرشادات الطبية هنا وهناك,لأعراض جانبية تظهر على المريض لدى تعاطيه مجموعة من الأدوية المحددة وهو أمر يكثر الحديث عنه في الصحف المحلية والإذاعة والتلفاز لكن الطبيب الذي شخّص حالة المريضة وجد أنها ستستفيد على أحد تلك الأدوية التي يعرف عنها تسببها للوهن أو الإقياء أو القرحة المعدية بصورة ثانوية بالتالي نجد أن المريضة قد وقعت بين فكي كماشة هما:( الرأي الطبي العام عبر الإعلام الرافض والخبرة الطبية الإيجابية) لذلك من الأفضل طرح المواضيع العلمية والطبية العامة دون التطرق لأية خصوصيات مرضية محددة حتى نقدم صحافة ملتزمة وإعلاماً مسموعاً ومرئياً لا يعطي أفكاراً مشوهة توقع المريض في مشكلة هو بغنى عنها.‏

إعلام طبي ملتزم‏

أخيراً إن وجود كوادر علمية متخصصة ولديها الخبرة الكافية لطرح ما ينبغي تقديمه وبالشكل الأمثل سيعطي للإعلام العلمي والطبي الدفع الحقيقي وإن التعاون بين وزارة الإعلام والوزارات العلمية والطبية(صحة وتعليم عال) في هذا المجال يؤسس لقاعدة علمية موثوقة يتم من خلالها إعطاء المواطن أفكاراً دقيقة وصحيحة دون أن يقع في مغبة التفسيرات المتعددة وإن التعاون السابق بين الوزارات المعنية يجب أن يؤسس لإقامة دورات تصقل الخبرات بهذا المجال وتؤسس لتقديم أعمق الفائدة

منقول من الثورة مختصر
و أقول أنني كنت دائما اطالب بوجود دبلوم وماجستير في الاعلام الطبي المتخصص
يتقدم اليه من يرغب من خريجي الطب و الاعلام بعد مقابلة شخصيه و يكون التدريس
في كليات الاعلام مع جانب تدريبي عملي بمنهج مشترك يصمم و يلقي محاضراته
فريق من اساتذة الاعلام و المهتمين من اساتذة الطب. يركز علي اخلاقيات الاعلام و الطب و يؤهل المتدرب لتفادي نشر العلم الخاطيء و احلال العلم الدقيق .
و انا هنا افتح الباب للتعليقات و الرأي و صولا الي التصور الأمثل